فصل: الشاهد الثاني والأربعون بعد السبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخبر عن بني المظفر اليزدي المتغلبين على أصفهان وفارس بعد انقراض دولة بني هلاكو وابتداء أمورهم ومصايرها.

كان أحمد المظفر من أهل يزد وكان شجاعا واتصل بالدولة أيام أبي سعيد فولوه حفظ السابلة بفارس وكان منها مبدأ أمرهم وذلك أنه لما توفي أبو سعيد سنة ست وثلاثين وسبعمائة ولم يعقب اضطربت الدولة ومرج أمر الناس وافترق الملك طوائف وغلب أزبك صاحب الشمال على طائفة من خراسان فملكها واستبد بهراة الملك حسين وألان محمود فرشحه من أهل دولة السلطان أبي سعيد عاملا على أصبهان وفارس فاستبد بأمره واتخذ الكرسي بشيراز إلى أن هلك ولي بعده ابنه أبو إسحق أمير شيخ سالكا سبيله في الإستبداد وكانت له آثار جمبلة وصنف الشيخ عضد الدين كتاب المواقف والشيخ عماد الدين الكاشي شرح كتاب المفتاح وسموها باسمه وتغلب أيضا محمد بن المظفر على كرمان ونواحيها فصارت بيده وطمع في الإستيلاء على فارس وكان أبو إسحق أمر شيخ قد قتل شريفا من أعيان شيراز فنادى بالنكير عليه ليتوصل إلى غرض انتزاع الملك من يده وسار في جموعه إلى شيراز ومال إليه أهل البلد لنفرتهم عن أمير شيخ لفعلته فيهم فأمكنوه من البلد وملكها واستولى على كرسيها وهرب أبو إسحق أمر شيخ إلى أصبهان وأتبعه ففر منه أيضا وملك أصبهان وبث الطلب في الجهات حتى تقبض عليه وقتله قصاصا بالشريف الذي قتله بشيراز وكان له من الولد أربعة شاه ولي ومحمود وشجاع وأحمد وتوفي شاه ولي أيام أبيه وترك ابنيه منصورا ويحيى وملك ابنه محمود أصبهان وابنه شجاع شيراز وكرمان واستبد عليه محمود وشجاع وخلفاه في ملكه سنة ستين وكحلاه وتولى ذلك شجاع وسار إليه محمود من أصبهان بعد أن استجاش باويس بن حسن الكبير فأمده بالعساكر سنة خمس وستين وملك شيراز ولحق شجاع بكرمان من أعماله وأقام بها واختلف عليه عماله ثم استقاموا على طاعته ثم جمع بعد ثلاث سنين ورجع إلى شيراز ففارقها أخوه محمد إلى أصبهان وأقام بها إلى أن هلك سن ست وسبعين فاستضافها شجاع إلى أعماله وأطعهما لابنه زين العابدين وزوجه بابنة أويس التي كانت تحت محمود وولى على مردى ابن أخيه شاه ولي ثم هلك شجاع سنة سبع وثمانين واستقل ابنه زين العابدين بأصبهان وخلفه ف شيراز وفارس منصور ابن أخيه شاه ولي وكان عادل كبير دولة بني أويس بالسلطانية كما مر ولحق به منصور بن شاه ولي هاربا من شيراز أمام عمه زين العابدين فحبس ثم فر من محبسه ولحق بأحمد بن أويس مستصرخا به فصارخه وأنزله بتستر من أعماله ثم سار منها إلى شيراز ففارقها عمه زين العابدين إلى أصبهان وأخوه يحيى بن بيزد وعمهما أحمد بن محمد بن المظفر بكرمان ثم زحف تمر سلطان التتر من بني جفطاي بن جنكزخان سنة ثمان وثمانين وملك توريز وخربها كما مر في أخباره فأطاعه يحيى صاحب يزد وأحمد صاحب كرمان وهرب زين العابدين من أصبهان وملكها عليه تمر فلحق بشيراز ورجع تمر إلى بلاده فيما وراء النهر وعميت أنباؤه إلى سنة خمس وتسعين فزحف إلى بلاد فارس وجمع منصور بن شاه ولي العساكر لحربه فخادعه تمر بولايته وإنكفأ راجعا إلى هراة فافترقت عساكر منصور بن شاه ولي وجاءت عيون تمر بخبر افتراقها إليه فأغذ السير وكبس منصور بن شاه ولي بظاهر شيراز وهو في قل من العساكر لا يجاوزن الفين فهرب الكثير من أصحابه إلى تمر واستمات هو والباقون وقاتلوا أشد قتال وفقد هو في المعركة فلم يوقف له على خبر وملك تمر شيراز واستضافها إلى أصبهان وولى عليها من قبله وقتل أحمد بن محمد صاحب كرمان وابنيه وولى على كرمان من قبله وقتل يحيى بن شاه ولي صاحب يزد وابنيه وولي على يزد من قبله واستلحم بني المظفر واستصفى زين العابدين بن شجاع بن محمود وهرب ابنه فلحق بخاله أحمد بن أويس وهو لهذا العهد مقيم معه بمصر والله وارث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون.

.الخبر عن بني ارتنا ملوك بلاد الروم من المغل بعد بني هلاكو والإلمام بمبادي أمورهم ومصايرهم.

قد سبق لنا أن هذه المملكة كانت لبني قليج أرسلان من ملوك السلجوقية وهم الذين أقاموا فيها دعوة الإسلام وانتزعوها من يد ملوك الروم أهل قسطنطينية واستضافوا إليها كثيرا من أعمال الأرض ومن ديار بكر فانفسحت أعمالها وعظمت ممالكهم وكان كرسهم بقونية ومن أعمالها أقصرا وإنطاكية والعلايا وطغرل ودمر لو وقرا حصار ومن ممالكهم أذربيجان ومن أعمالها أقشهر وكامخ وقلعة كعونية ومن ممالكهم قيسارية ومن أعمالها نكره وعدا قليلة ومنال ومن ممالكهم أيضا سيواس وأعمالها ملكوها من يد الونشمند كما مر في أخبارهم ومن أعمالها نكسار وأقاسية وتوقات وقمنات وكنكرة كورية وسامسول وصغوى وكسحونية وطرخلوا وبرلوا ومما استضافوه من بلاد الأرمن خلطوا وأرمينية الكبرى وأني وسلطان وأرجيس وأعمالها ومن ديار بكر خرت برت وملطية وسميساط ومسارة فكانت لهم هذه الأعمال وما يتصل بها من الشمال إلى مدينة برصة ثم إلى مدينة خليج القسطنطينية واستفحل ملكهم فيها وعظمت دولتهم ثم طرقها الهرم والفشل كما يطرق الدول ولما استولى التتر على ممالك الإسلام وورثوا الدول في سائر النواحي واستقر التخت الأعظم لمنكوفان أخي هلاكو وجهز عساكر المغل سنة أربع وخمسين وستمائة إلى هذه البلاد وعليهم بيكو من أكابر أمرائهم وعلى بلاد الروم يومئذ غياث الدين كنخسرو بن علاء الدين كيقباد وهو الثاني عشر من ملوكهم من ولد قطلمش فنزلوا على أرزن الروم بها سنان الدين ياقوت مولى علاء الدين فملكوها بعد حصار شهرين واستباحوها وتقدموا أمامهم ولقيهم غياث الدين بالصحراء على أقشهر وزنجان وانهزم غياث الدين واحتمل ذخيرته وعياله ولحق بقونية واستولى بيكو على مخلفه ثم سار إلى قيسارية فملكوها وهلك غياث الدين أثر ذلك وملك بعده بعهد ابنه علاء الدين كيبقاد وأشرك معه أخويه في أمره وها عز الدين كيكاوس وركن الدين قليج أرسلان وعاثت عساكر التتر في البلدا فسار علاء الدين كيبقاد إلى منكوفان صاحب التخت واختلف أخواه من بعده وغلب عز الدين كيكاوس واعتقل أخاه ركن الدين بقونية وبعث في أثر أخيه علاء الدين من يستفسد له منكوفان فلم يحصل من ذلك على طائل وهلك علاء الدين في طريقه وكتب منكوفان بتشريك الملك بين عز الدين وركن الدين والبلاد بينهما مقسومة فعز الدين من سيواس إلى تخوم القسطنطينية ولركن الدين من سيواس إلى أرزن الروم متصلا من جهة الشرق ببلاد التتر وأفرج عز الدين عن ركن الدين واستقر في طاعة التتر وسار بيكو في بلاد الروم قبل أن يرجع عز الدين فلقيه أرسلان دغمش من أمراء عز الدين فهزمه بيكو إلى قونية فأجفل عنها عز الدين إلى العلايا وحاصرها بيكو فملكها على يد خطيبها وخرج إلى بيكو فأسلمت زوجته على يده ومنع التتر من دخولها إلا وحدانا وأن لا يتعرضوا لأحد واستقر عز الدين وركن الدين في طاعة التتر ولهما اسم الملك والحكم للشحنة بيكو ولما زحف هلاكو إلى بغداد سنة ست وخمسين واستنفر بيكو وعساكره فامتنع واعتذر بمن في طريقه من طوائف الأكراد الفراسيلية والياروقية فبعث إليه هلاكو العساكر ومروا بأذربيجان وقد أجفل أهلها وهم قوم من الأكراد فملكوها وساروا مع بيكو إلى هلاكو وحضروا معه فتح بغداد وما بعدها ولما نزل هلاكو حلب استعدى عز الدين وركن الدين فحضرا معه فتحها وحضر معهما وزيرهما معين الدين سليمان البرواناة واستحسنه هلاكو وتقدم إلى ركن الدين بأن يكون السفير إليه عنه فلم يزل على ذلك ثم هلك بيكو مقدم التتر ببلاد الروم وولي مكانه صمقار من أمراء المغل ثم اختلف الأميران عز الدين وغياث الدين سنة تسع وخمسين واستولى عز الدين على أعمال ركن الدين فسار ومعه البرواناة إلى هلاكو صريخا فأمده هلاكو وانهزم عز الدين فلحق بالقسطنطينية وأقام عند صاحبها لشكري واستولى ركن الدين قليج أرسلان على بلاد الروم وامتنع التركمان الذين بتلك الأعمال بأطراف الأعمال والثغور والسواحل وطلبوا الولاية من هلاكو فولاهم وأعطاهم الله الملك فهم الملوك بها من يومئذ كما يأتي في أخبارهم إن شاء الله تعالى وأقام عز الدين بالقسطنطينية وأراد التوثب بصاحبها لشكري ووشى به أخواله من الروم فاعتقله لشكري في بعض قلاعه ثم هلك ويقال أن ملك الشمال منكوتمر صاحب التخت بصراي حدثت بينه وبين صاحب القسطنطينية فتنة فغزاه واكتسح بلاده ومر بالقلعة التي بها عز الدين معتقلا فاحتمله معه إلى صراي وهلك عنده ولحق ابنه مسعود بعد ذلك بأبغا بن هلاكو فأكرمه وولاه على بعض القلاع ببلاد الروم ثم إن معين الدين سليمان البرواناة إرتاب بركن الدين فقتله غيلة سنة ست وستين ونصب ابنه كنخسرو للملك ولقبه غياث الدين وكان متغلبا عليه مقيما مع ذلك على طاعة التتر وربما كان يستوحش منهم فيكاتب سلطان مصر بالدخول في طاعته واطلع أبغا على كتابه بذلك إلى الظاهر بيبرس فنكره وهلك صمغار الشحنة فبعث أبغا مكانه أميرين من أمراء المعل وهما تدوان وتوقر فتقدما سنة خمس وسبعين إلى بلاد الشام ونزلا بابلستين ومعهما غياث الدين كنجسرو وكافله البرواناة في العساكر وسار الظاهر من دمشق فلقيهم بابلستين وقد قعد البرواناة لما كان تواعد مع الظاهر عيله وهزمهم الظاهر جميعا وقتل الأميرين تدوان وتوقر في جماعة من التتر ونجا البرواناة وسلطانه فلم يصب منهم أحد واستراب السلطان بالبرواناة لذلك وملك الظاهر قيسارية كرسي بلاد الروم وعاد إلى مصر وجاء أبغا ووقف على مكانه الملحمة ورأى مصارع قومه فصدق الريبة بممالأة الظاهر والبرواناة وأصحابه فاكتسح البلاد وخربها ورجع ثم استدعى البرواناة إلى معسكره فقتله وأقام مكانه في كفالة كنجسرو أخاه عز الدين محمدا ولم يزل غياث الدين واليا على بلاد الروم والشحنة من المغل حاكم في البلاد إلى أن ولي تكرار بن هلاكو وكان أخوه قنقرطاي مقيما ببلاد الروم مع صمغار فبعث عنه وامتنع من الوصول فأوعز إلى غياث الدين واعتقله بارزنكان وولي على بلاد الروم على الشحنة أولاكو من أمراء المغل وذلك سنة إحدى وثمانين ويقال أن أرغو بن أبغا هو الذي ولى أولاكو شحنة ببلاد الروم بعد صمغار وأن تداون وتوفر إنما بعث بهما أبغا لقتال الظاهر ولم يرسلها شحنة ثم أقام مسعود بن عز الدين كيكاوس في سلطانه ببلاد الروم والحكم لشحنة التتر وليس له من الملك إلا اسمه إلى أن افترق وإضمحل أمره وبقي أمراء المغل يتعاقبون في الشحنة ببلاد الروم وكان منهم أول المائة الثامنة الأمير علي وهو الذي قتل ملك الأرمن هيشوش بن ليعون صاحب سيس واستعدى أخوه عليه بخربندا فأعداه وقتله كما مر في أخبار الأرمن في دولة الترك وكان منهم سنة عشرين وسبعمائة الأمير ألبغا ولي السلطان أبو سعيد على بلاد الروم دمرداش بن جوبان سنة ثلاث وعشرين واستفحل بها ملكه وجاهد الأرمن بسيس واستمد الناصر محمد بن قلاون صاحب مصر عليهم فأمده بالعساكر وافتتحوا أياس عنوة ورجعوا ثم نكب السلطان أبو سعيد نائبه جوبان بن بروان وقتله كما مر في أخبارهم وبلغ الخبر إلى دمرداش ابنه ببلاد الروم فاضطرب لذلك ولحق بمصر في عساكره وأمرائه فأقبل السلطان عليه وتلقاء بالتكرمة والإيثار وجاءت رسل أبي سعيد في اتباعه تطلب حكم الله تعالى فيه بسعيه في الفساد وإثارة الفتنة على أن يفعل مثل ذلك في قراسنقر النازع إليهم من أمراء الشام فقتلوه وقتل دمرداش بمصر وذهبا بما كسبا وكان دمرداش لما هرب من بلاد الروم إلى مصر ترك من أمرائه إرتنا وكان يسمى النوير اسم أبناء الملوك فبعث إلى أبي سعيد بطاعته فولاه على البلاد فملكها ونزل سيواس واتخذها كرسي ملكه ثم استبد حسن بن دمرداش بتوريز فبايع له إرتنا ثم انتقض وكاتب الملك الناصر صاحب مصر ودخل في طاعته وبعث إليه بالولاية والخلع فجمع له حسن بن دمرداش وسار إليه بسيواس وسار ارتنا للقائه بصحراء كسنوك وهزمه وأسر جماعة من أمرائه وذلك سنة أربع وأربعين واستفحل ملك ارتنا من يومئذ وعجز جويان وحسن بن دمرداش عن طلبه إلى أن توفي سنة ثلاث وخمسين وأما بنوه من بعده فلا أدري من ملك منهم ولا ترتيب ولايتهم إلا أنه وقع في أخبار الترك أن السطان أوعز سنة ست وستين إلى نائب حلب أن يسير في العساكر لإنجاد محمد بك بن إرتنا فمضوا وظفروا وما زال إرتنا وبنوه مستبدين ببلاد الروم وأعمالها وإقتطع لهم التركمان منها بلاد الأرمن سيس وما إليها فاستولى عليها بنو دلقادر على خلافه وزحف إليه وهي في أيديهم لهذا العهد ولما خالف سعاروس من أمراء الترك سنة اثنتين وخمسين ظاهره قراجا بن دلقادر على خلافه وزحف إليه السلطان من مصر فافترقت جموعه واتبعه العساكر فقتل وبعث السلطان سنة أربع وخمسين عسكرا في طلب قراجا فساروا إلى ابلستين وأجفل عنها نائبها فنهبوا أحياءه ولحق هو بابن أرتنا بسيواس فقبض عليه وبعث به إلى السلطان بمصر فقتله واقتطع التركمان ناحية الشمال من أعمالهم إلى القسطنطينية وأثحنوا في أمم النصرانية وراءهم واستولوا على كثير من تلك الممالك وراء القسطنطينية وأميرهم لهذا العهد في عداد الملوك الأعاظم ودولتهم ناشئة متجددة وكان صبيا بسيواس منذ أعوام الثمانين وهو من أعقاب بني إرتنا فاستبد عليه قاضي البلد لما كان كافلا له بوصية أبيه ثم قتل القاضي ذلك الصبي أعوام اثنتين وتسعين واستبد بذلك وكانت هناك أحياء التتر يناهزون ثلاثين ألفا أو نحوها مقيمين بتلك النواحي دمرداش بن جوبان ومن قبله من أمراء المغل فكانوا شيعة لبني إرتنا وعصابه لهم وهم الذين استنجد بهم القاضي حين وجهت إليه عساكر مصر في طلب منطاش الثائر الذي فر ثم لحق به وسارت عساكره مصر في طلبه سنة تسع وثمانين فاستنجد القاضي بأحياء التتر هؤلاء وجاؤا لإنجاده ورجعت عساكر مصر عنهم كما تقدم ذلك كله في أخبار الترك والحال على ذلك لهذا العهد والله مصير الأمور بحكمته وهو على كل شيء قدير.
ج ب ا
إبراهيم بن محمد بك بن ارتنا النوير عامل أبي سعيد على بلاد الروم.